في القرن العشرين.. حولوا القط إلى هاتف
2018/05/21
الساعة 03:30 مساءاً
(الميناء نيوز- وكالات)
باسم العلم وتقدم البشرية كل شيء مباح. وانطلاقاً من هذا المبدأ، لم يتردد بعض العلماء من جامعة برنستون بولاية نيوجيرسي الأميركية عام 1929 في إجراء تجارب جريئة على أحد القطط عن طريق تحويله إلى هاتف.
وفي حدود سنة 1929، وضع العالم الأميركي، إرنست ويفر، رفقة زميله شارل براي، خطة من أجل إجراء عدد من الأبحاث لفهم كيفية إدراك الجهاز العصبي، خاصة العصب السمعي، للأصوات. لكن لإجراء مثل هذه التجارب احتاج العالمان إلى كائن حي يتمتع بقدرات سمعية جيدة فوقع الاختيار على القط.
ويفر (إلى اليمين) وغراي
في بادئ الأمر أقدم العالمان على فتح جمجمة رأس قط حي بهدف بلوغ العصب السمعي. وعلى إثر ذلك، تم ربط أحد طرفي سلك هاتفي بالعصب السمعي للقط، بينما تم وصل الطرف الآخر للسلك بأحد الهواتف من أجل خلق نوع من أجهزة الإرسال. وعقب ذلك أخذ ويفر الهاتف واتجه نحو غرفة عازلة للصوت تبعد حوالي 50 قدماً عن مكان تواجد القط. ومن خلال تجربة مثيرة للذهول، أقدم براي على مخاطبة زميله المتواجد داخل الغرفة العازلة للصوت عن طريق الحديث في أذن القط.
وخلال هذه التجربة الفريدة من نوعها، نجح العالمان في إثبات نظرية حيرت الكثيرين. فأثناء حديثه في أذن القط، أقدم شارل براي على رفع صوته بشكل تدريجي. وعلى إثر ذلك لاحظ إرنست ويفر تزايد حدة ذبذبات الصوت التي تمر عبر الهاتف تزامناً مع ارتفاع صوت زميله في الغرفة الأخرى، وبالتالي أكد كل من ويفر وبراي أن حدة ذبذبات الصوت تتزايد تزامناً مع ارتفاع شدته، فضلاً عن ذلك أصبح جلياً لجميع العلماء تفاعل العصب السمعي بشكل أفضل مع الأصوات المرتفعة.
ولم تتوقف تجارب ويفر وبراي عند هذا الحد. فخلال الفترة التالية حاول العالمان إجراء تجارب مماثلة عن طريق تثبيت طرف السلك الهاتفي إلى عدد من الأجزاء الأخرى الموجودة بدماغ القط على غرار العصب السمعي. وفي الأثناء لقيت هذه التجارب فشلاً ذريعاً، حيث لم يتمكن ويفر من سماع أي صوت. تزامناً مع ذلك، توقف العصب السمعي عن نقل الأصوات عقب قيام العالمين بحصر الدم عن دماغ القط.
وخلال فترة الحرب العالمية الثانية، عمل كل من براي وويفر لصالح الجيش الأميركي، فبينما تخصص الأول في مجال طب النفس، اتجه الثاني للعمل كمستشار لصالح مجلس الأبحاث التابع لقوات البحرية.
وخلال فترة عمله لصالح قوات البحرية الأميركية وضع ويفر نظرية جديدة أكد من خلالها أفضلية أصحاب المواهب الموسيقية على استخدام تقنية السونار، والتي تعتمد عادة في البحار لاكتشاف ما تحت الماء وإجراء الاتصالات، ويعزى السبب في ذلك إلى قدرة هؤلاء على سماع عدد من الأصوات المميزة.
وظلت تجربة القط الهاتف خالدة في تاريخ الأبحاث الطبية. فبعد مضي عقود عليها، استغل العلماء النتائج التي توصل إليها كل من ويفر وبراي من أجل إجراء أول عملية زراعة قوقعة، والتي تعد عملية جراحية يتم من خلالها غرس جهاز إلكتروني (قوقعة داخلية) على مستوى الأذن الداخلية وتثبيت مبرمج خارجي للمساعدة على السمع عن طريق إثارة العصب السمعي.
إضافة تعليق
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً