لم تبدد أجواء الهدوء الحذر حالة التوتر في قطاع غزة، خاصة بعد أن قامت إسرائيل ننشر بطاريات من منظومة “القبة الحديدية”، المضادة لصواريخ المقاومة في مناطق الحدود، بعد الغارات العنيفة، التي استهدفت العديد من مواقع المقاومة، والأراضي الزراعية، وأسفرت عن إحداث دمار كبير، وإلى استشهاد مواطن وإصابة آخرون، بعد إعلان إسرائيل عن تعرض بلداتها الحدودية لرشقات صاروخية.
وبما يثير الشكوك، حول إمكانية اندلاع موجة تصعيد عسكري جديدة، كشفت تقارير إسرائيلية أن جيش الاحتلال، قرر نشر منظومة “القبة الحديدية” في منطقة الجنوب بشكل موسع، خشية تجدد إطلاق الصواريخ من القطاع، وذلك وفقا لتقديرات دوائر الأمن في تل أبيب.
وقد ترافق ذلك مع دعوة نفتالي بينيت، أحد قادة أحزاب اليمين المتحالفة مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إلى تشكيل “حكومة طوارئ”، في ظل أنباء عن نية نتنياهو تعيينه وزيرا للجيش.
وفي كلمة له في بداية جلسة حكومته الأسبوعية الأحد، حمل نتنياهو حركة حماس المسؤولية عن أي هجوم من القطاع، مبيناً ان حكومته لديها العديد من الخطط بشأن غزة، لكنه قال إنه لا يريد الإفصاح عنها حاليا.
وأوضح أنه أجرى مشاورات أمنية عقب إطلاق الصواريخ من غزة مساء الجمعة، وأوعز بمهاجمة أهداف مهمة، مشيدًا بقدرة سلاح الجو على تدمير تلك الأهداف، لافتا إلى أن إسرائيل تمر بفترة أمنية حساسة ومتفجرة على عدة جبهات منها الشمال والجنوب.
ورجح الوزير في حزب “الليكود” يواف غلانت، أن تطلق إسرائيل معركة عسكرية شاملة في قطاع غزة “في الوقت والظروف التي ترتئيها”، مضيفا “لا يمكن التسليم بإطلاق القذائف الصاروخية على مدن وقرى جنوب البلاد”، وقد اعتبر أن قيام إسرائيل بالرد بشكل أو بآخر على إطلاق الصواريخ “لن يحل مشكلة غزة”.
وفي السياق، تشير معلومات ترددت عقب عملية القصف الإسرائيلية التي جرت فجر السبت، أن هناك حالة إحباط في قطاع غزة، جراء اعتماد سلطات الاحتلال من جديد لسياسة “التسويف والركود”، بما يخص تنفيذ مشاريع البنى التحتية الكبيرة، التي جرى التوافق عليها في تفاهمات التهدئة، ومنها مد القطاع بخط كهرباء، وإقامة المنطقة الصناعية قرب الحدود.
ويدور حديث أن وسطاء التهدئة، تدخلوا منذ اللحظة الأولى لإعلان إسرائيل ليل الجمعة، عن تعرض بلداتها الحدودية لرشقات صاروخية من غزة، حيث أصاب أحد الصواريخ منزلا في بلدة سيديروت، ما أدى إلى وقوع إصابات طفيفة، ونجم عن الوساطة التأكيد على عودة حالة الهدوء، بعد أن نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات جوية عنيفة.
وأجريت اتصالات تجاه غزة وتل أبيب، لضمان عدم تدحرج الأمور إلى جولة جديدة من المواجهات العسكرية، يحشى الجميع أن تقود إلى “حرب رابعة”.
ولم ترد المقاومة الفلسطينية على عمليات القصف الإسرائيلي، واكتفت بإطلاق رشقات من الأسلحة الثقيلة المضادة للطيران، تجاه طائرات إسرائيلية حلقت فوق سماء غزة، دون اللجوء كما مرات سابقة إلى إطلاق صواريخ على مناطق “غلاف غزة”.
هذا ولم يعلن أي تنظيم فلسطيني في القطاع مسئوليته عن إطلاق الرشقات الصاروخية، التي أطلقت في ظل حالة من الهدوء، والتي جاءت بعد يوم من إعلان إسرائيل عن إطلاق قذيفة ليل الخميس على أحد مناطقها الحدودية، في وقت كررت فيه تقارير إسرائيلية كعادتها في مرات سابقة الاتهام لحركة الجهاد الإسلامي بالوقوف وراء الأمر.
وقد ذكرت مصادر محلية أن عمليات الاستهداف هذه المرة، خلفت دمارا كبيرا في المواقع المستهدفة، كما أحدثت خرابا في المناطق الزراعية التي طالها القصف، ما ألحق بملاكها خسائر مالية كبيرة، وسمع دوي انفجارات هائلة في كافة مناطق القطاع، حين قام الطيران الحربي الإسرائيلي، باستهداف العديد من المواقع، وهو ما أدى إلى إصابة ثلاثة مواطنين، أحدهم استشهد بعد لحظات من وصوله مشفى ناصر بمدينة خانيونس جنوب القطاع، ويدعى أحمد الشحري “37 عاما”، وقد شيع جثمانه في موكب جنائزي كبير ظهر السبت.
ورغم قوة القضف والدمار الكبير الذي خلفه، بما في ذلك سقوط شهيد، إلا أن ذلك لم يقنع قادة الأحزاب الإسرائيلية المعارضة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وقال القطب في حزب “أزرق أبيض” يائير لابيد “كان يترتب على إسرائيل أن ترد بعظمة وبقوة وبدون تردد على الاعتداءات الصاروخية الفلسطينية التي انطلقت من قطاع غزة”.
ودعا لعودة سياسات الاغتيال، وقال “يجب أن يدرك قادة حماس والجهاد انهم سيدفعون الثمن بحياتهم، على أي اعتداء ضد مواطنين إسرائيليين”، مطالبا كذلك بتغيير السياسة الأمنية تجاه غزة، لا سيما العودة إلى انتهاج سياسة “التصفيات المحددة الأهداف”.
كما دعا زعيم الحزب بيني غانتس، إلى توجيه ضربات شديدة لقطاع غزة والعودة لسياسة اغتيال قيادات فلسطينية.
خصوم نتنياهو طالبوا باغتيال قادة حماس.. ونشطاء الجهاد يحذرون: نمتلك مساحة كبيرة للتعامل مع الميدان
أما رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” افيغدور ليبرمان فقد قال إن إطلاق القذائف الصاروخية باتجاه إسرائيل “نتيجة مباشرة لسياسة الخضوع التي تتبعها الحكومة إزاء المنظمات الإرهابية في القطاع”، وأضاف “التآكل في قوة الردع لدولة إسرائيل في جنوب البلاد، يشجع اعداءها في الشمال وفي إيران”.
وفي غزة طالب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني “فدا”، أحد فصائل منظمة التحرير، بضرورة وقف ما وصفها بـ”الصواريخ الاستعراضية” المنطلقة من غزة، والتي قال إنها “قد تجلب الدمار لأهله وممتلكاته”،، وآخرها ليلة الجمعة، والتي على ضوئها سقط شهيد وجرحى ودمار كبير.
واعتبر “فدا” أن المصلحة الوطنية تتطلب “ضبط النفس وعدم جر غزة إلى أتون حرب تدميرية ينتظرها نتنياهو للخروج من مأزقه السياسي والشخصي”.
لكن تهديدات قادة أحزاب إسرائيل، قوبلت بتحذير من الفصائل الفلسطينية، وأكد الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي سرايا القدس أنها ستبقى تدافع عن الشعب الفلسطيني “ما دام الاعتداء الإسرائيلي متواصل”، مشددة على أنها لن تسمح للاحتلال الإسرائيلي بـ “ثبيت معادلات جديدة”، وقالت في بيان لها “العدو لا يجب أن يشعر بالراحة وألا يعيش مطمئناً، طالما يرتكب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني ويحتل أرضه”، مشددةً على أن تهديدات الاحتلال بشن حرب ليست بالجديدة، وأنها لن تزيدها إلا اصراراً على الثبات.
وأكدت أنها “تمتلك مساحة كبيرة جداً للتعامل مع واقع الميدان حال ارتكاب الاحتلال أي حماقة تمس أبناء شعبنا أو بقيادة المقاومة”، مشيرةً أن الشعب الفلسطيني “لن يبقى أسير التهديدات الإسرائيلية المتكررة التي نتعامل معها على محمل الجد وسنتعامل مع كل عدوان بحجمه”، مؤكدة أنه من واجب المقاومة الدفاع عن الشعب الفلسطيني الذين تدعوهم للاحتجاج على الحصار، مؤكدة أنها “لن تسمح بسياسة الاستفراد بشعبنا الفلسطيني”.
وكان الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم، قال إن قصف واستهداف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، يعد “استمرار لمسلسل العدوان والإجرام الإسرائيلي بحق شعبنا ومقاومته الباسلة، وتصعيد خطير بحق المدنيين الأبرياء”، محملا الاحتلال تبعات القصف وتداعياته، وقال “حجم الاعتداءات التي طالت العديد من مواقع المقاومة يعكس نواياه المسبقة بالتدمير والتخريب، وإن قتل الأبرياء وتفجير الأوضاع مع المقاومة الباسلة لن يرتد إلا في وجه الاحتلال”.
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً