أكد مراقبون أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها الكثير من الأدوات التي قد تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد والسياسة في العراق حال إصرار بغداد على رحيل القوات الأمريكية عن البلاد، في حين يرى آخرون أن واشنطن تلعب على عامل الوقت وترى أن ما صدر عن البرلمان العراقي قرارات وليست قوانين وتراهن على الحكومة القادمة والفوضى التي قد تخلفها ورائها.
أزمات سياسية واقتصادية
قال اللواء ماجد القيسي الخبير العسكري العراقي لـ"سبوتنيك"، إذا أصر العراق على إخراج التحالف الدولي ومن ضمنه القوات الأمريكية، أعتقد ستكون هناك عقوبات وقد لوح ترامب ووزير خارجيته بهذا الأمر.
وأضاف الخبير العسكري، الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها فرض عقوبات اقتصادية على العراق ومنها جانب عسكري بقيمة 250 مليون دولار كمساعدات، وقد صرح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأن بلاده تدرس المساعدات العسكرية والأمنية وغيرها والتي يتم تقديمها للعراق منذ سنوات، وهذه المساعدات يمكن أن يوقفها الكونغرس حال إصرار بغداد على إخراج القوات الأمريكية.
وتابع القيسي، هذا بجانب تأزم العلاقات السياسية والدبلوماسية بين العراق وأمريكا، وبالتالي سيكون هناك تباعد كبير وفجوة واسعة ما قد يؤثر على الأوضاع السياسية والاقتصادية في العراق، كما يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تطالب العراق بدفع تكاليف القواعد التي تقول أنها قد أنفقت عليها، وهو ما يمثل مزيد من الضغوطات.
لا يعترفون بالحكومة
وأوضح القيسي، رغم أن الحكومة العراقية تصرح بضرورة إجلاء قوات التحالف عن العراق ومن بينها القوات الأمريكية، إلا أن هذا الجانب غير مكتمل من الناحية القانونية، والأمريكان ينظرون إلى ما صدر عن البرلمان العراقي على أنه قرار وليس قانون، وستشهد الأيام القادمة تطورات حيث أعاد التحالف الدولي عملياته ضد داعش اليوم الخميس بعد تعليقها خلال الأيام العشر الماضية.
وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن وضع القوات الأمريكية في العراق اليوم يختلف عن وضعها في العام 2014 كما يختلف وضعها قبل العام 2011 عن العام 2003 عندما دخلت بغداد، حيث كانت في العام 2011 وما قبلها قوات احتلال، وفي العام 2014 جاءت كقوات مساعدة للقوات العراقية مع دول أخرى بناء على طلب العراق ووفقا لاتفاقيات سابقة في إطار التعاون الاستراتيجي، وسبق أن قال بومبيو سوف نناقش وضع قواتنا في العراق في ظل حكومة منتخبة، وهذا الكلام الذي قيل قبل يومين كانت له معاني كثيرة.
غياب التوافق
وأشار القيسي إلى أن كلام بومبيو كان يحمل إشارات ومعاني كثيرة، منها أن بومبيو أراد أن يوصل رسالة للحكومة بأن أمريكا لا تريد مناقشة انسحابها مع حكومة تصريف أعمال لا تمتلك صلاحيات لعقد وتوقيع الاتفاقيات وإجراء مفاوضات، وحتى قرار البرلمان الذي طالب الأمريكان بالرحيل تم في غياب الكثير من النواب ولم يكن حوله توافق وطني، وعلينا أن ننتظر الأيام المقبلة لنرى ما سيسفر عنه الصراع الأمريكي الإيراني، وما ستؤول إليه الأحداث داخل العراق من خلال الاحتجاجات، وعملية التوصل لترشيح رئيس وزراء جديد، وتلك الأمور تتطلب وقت طويل وهو ما تلعب عليه الولايات المتحدة بالعراق.
خسائر الانسحاب
من جانبه، قال عبد القادر النايل المحلل السياسي العراقي لـ"سبوتنيك": "أمريكا قادرة على فرض عقوبات اقتصادية شديدة لها تأثيرات قوية على الشعب العراقي من محورين، أولهما أن يتم إيداع مبالغ النفط العراقي في البنك الفيدرالي الأمريكي، ولها حماية خاصة من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية تجدد، سنويا، عند الشهر الخامس، فإذا رفع الحماية عنها فهناك ديون تصل إلى 66 مليار دولار، وسيأخذون الأموال خلال 24 ساعة مما سيضع العراق في انهيار اقتصادي كبير".
وأضاف النايل المحور الثاني يتمثل في أن العملة العراقية المحلية لها هي الأخرى حماية خاصة عززت وجودها أمام الدولار، فإذا رفعت الحماية عنها من الولايات المتحدة الأمريكية فإن قيمتها ستنهار، مما سيزيد تضخم السوق العراقي، وسينعكس ذلك على القدرة في شراء الاحتياجات الغذائية للمواطنين،
ومن ناحية أخرى فإن بإستطاعة أمريكا منع وصول الدولار للعراق، ومن حق الرئيس الأمريكي قانونياً ذلك، مما سيجعل العراق ينهار اقتصاديا.
وتابع المحلل السياسي، تأثير وأضرار الإجراءات الأمريكية السابقة نتيجة لأن الأحزاب التي تطالب بإخراج القوات الأمريكية هي من رهنت مقدرات العراق وثرواته وجعلته تحت الوصاية الأمريكية، لذا عندما يطالب المتظاهرون بإسقاط تلك الأحزاب وتشكيل حكومة وطنية حتى يتمكنوا من بناء اقتصاد رصين يتعامل مع العالم كله على أساس السيادة الاقتصادية والتبادل المنفعي بين الدول بما يحقق مصالحها.. هم محقون في ذلك، و القواعد الأمريكية الموجودة في العراق لن تتأثر بالعقوبات الاقتصادية لأنها مرتبطة بالدعم الأمريكي.
وفي 3 يناير/ كانون الثاني الجاري، قتلت الولايات المتحدة قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" العراقي أبو مهدي المهندس، في غارة جوية قرب مطار بغداد.
وردت إيران، بعدها بـ 5 أيام، بإطلاق صواريخ باليستية على قاعدتين عسكريتين تستضيفان جنودا أمريكيين، شمالي وغربي العراق.
وأثارت المواجهة العسكرية الأمريكية الإيرانية، غضبا شعبيا وحكوميا واسعا في العراق، وسط مخاوف من تحول البلاد إلى ساحة نزاع مفتوحة بين واشنطن وطهران، وعلى خلفية الصراع، قررت بغداد إخراج القوات الأجنبية من البلاد، لكن واشنطن ترفض ذلك، وهدد الرئيس دونالد ترامب بفرض عقوبات على بغداد.
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً