فايز البخاري
مشرفو الحوثي ونظام الجباية
2018/03/14
الساعة 04:55 مساءاً
قديماً قالوا مَن شبَّ على شيءٍ شابَ عليه، واليوم نرى هذا المَثَل يتجسّد واقعاً في حال نظام الإمامة الجديد المتمثل بميليشيا الانقلاب الحوثية وكهنة العصر ممن يحاولون المزج بين طبيعة نظام الإمامة البائد ونظام ولاية الفقيه وملالي طهران وقُم، لياتوا بنظامٍ هجين يستلهم من الماضي أعفن مافيه من رجعية وجمود وتخلّف، ومن حاضر ملالي إيران النفاق والمداهنة من خلال ارتداء قناع المعاصرة والحداثة وزيف معاداة أمريكا وإسرائيل.
وقد نتج عن ذلك هذا الخليط الهجين من نظام ميليشيا الحوثي الانقلابية التي تحاول ترميم وجهها القبيح بمناداتها بالعِداء لإسرائيل وأمريكا والمزايدة بقضية القدس وفلسطين، فيما واقعها يؤكد أنها مشدودة لماضي الكهنوت بكل سلبياته وعفونته، وهو ما تجلّى بنظام المشرفين الحوثيين الذين يتم تعيينهم من قبل الحوثي بدون رواتب وإنما اعتماداً على الجباية كما كان يفعل أسلافه من الأئمة الكهنوتيين الهالكين الذين أرسوا وأقاموا دعائم ملكهم على نظام الجباية الذي يعتبر أقذر صورة للظُلم والجور والكهنوت.
ومثلما كان يفعل الأئمة في العصور الماضية من تعيين حُكّام وعُمّال (مدراء مديريات) بدون رواتب، فقط يطلبون منهم أن يجمعوا أكبر قدر من الأموال تحت مسميات عدة أقلها الزكاة. يأتي الحوثيون اليوم لينهجوا النهج نفسه ويمضوا على نفس المسار.
وفي ذلك تجسّد المثل الشعبي (اسرقْ لك ولي).
وغير بعيد عن ذلك ماحصل فعلاً حين طلب أحد الحُكّام الذين كان يعينهم الإمام البخيل يحيى حميدالدين بدون رواتب، فأصرّ ذلك الحاكم على أن يكون له راتب لأنه يخشى الله في عباده، فأمر له الإمام ببضعة ريالات كراتب، وهي لا تُسمِن ولا تُغني من جوع، فردّ عليه القاضي مستهزئاً:
خمسة ريال وأسرق لي؟!
فزادها ريالين لتكون سبعة، فردّ عليه القاضي:
سبعة ريال وأسرق لي؟!
فضاعفها الإمام وهو يكرر له السؤال على مرأى ومسمع من الناس الحاضرين مجلسه ليحرجه عسى ينصفه براتب محترم، حتى أوصلها اثني عشر ريالاً مع التهديد.
عندها اقتنع القاضي ورحل مكتفياً بذلك المبلغ وهو يجتر حسراته.
وها هو التاريخ يعيد نفسه، والأئمة الجدد يكررون الشيء نفسه حين يعيّنون مشرفاً حوثياً في أي منصب، ويقولون له: اسرقْ لك ولنا.
لأنه للآن لا يوجد للمشرفين الحوثيين رواتب، وإنما يعتمدون على نظام الجباية الذي سار عليه أسلافهم من أئمة الكهنوت.
وبذلك تتجلّى صورة الإمامة الجديدة التي أسفرتْ عن وجهٍ أكثر قُبحاً من أسلافهم.
[email protected]
إضافة تعليق
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً