د.علي شوعي ناجي عرجاش
«كشر» ضحية التهميش لعقود من الزمن..!!
الساعة 04:46 مساءاً
د.علي شوعي ناجي عرجاش
مديريتي يسري حبها وحب أبنائها النبلاء الأوفياء في شراييني منذ طفولتي. فمنذ طفولتي وأنا أتأمل ما تعانيه هذه المديرية الغنية برجالها ونسائها، مديرية يبلغ تعداد سكانها ما يقارب 80ألف نسمة.

مديرية تعاني الحرمان من خدمات المياه والطرقات والكهرباء والتعليم والصحة، وتعاني كذلك من غياب دور الشرطة، والقضاء العادل، وحرمت عمدا أحيانا من قبل البعض.

للآسف عانت هذه المديرية إهمالا أحيانا أخرى من بعض أبنائها، غذى بعضهم الصراعات فيها لمصالح أنانية ضيقة، كي تظل أوضاعها دون تغيير.

صدحت بصوتي منتقدا لما تعانيه، ومطالبا بتوفير بعض الخدمات لها، ومنتقدا، تلك الاخطاء والممارسات لبعض وجهائها الاجتماعية، وذلك في كل، مناسبة، او محفل أومجلس أصل إليه، سواء حين كنت أعيش فيها طالبا متنقلا بين قراها وعزلها، أو حين غادرتها طالب علم في مركز محافظتنا الجميلة، أو حين انتقلت الى صنعاء، أو أثناء عودتي في إجازاتي خلال تلك السنوات.

أتذكر في عام 1988م، وأنا طالب بمدرسة الشهيد عبد الرحمن جحاف - العبيسة، طلب مني أساتذتي أن ألقي كلمة في حفل كان يتم الإعداد له لاستقبال محافظ المحافظة آنذاك (محمد بن محمد الآنسي)، وطلب مني استاذي القدير (لطف عمر الهاتف)، رعاه الله، أن أعرضها عليه، وقام، بالتعديل في الصياغة لبعض مفرداتها التي تنتقد وضع المديرية، محملة بعض وجهائها اللوم على ما يجري من صراعات لا داعي لها، ولأسباب لا يمكن أن تقود لمثل تلك الصراعات الدموية أحيانا أخرى.

كما حملت، حينها، الدولة بمختلف مؤسساتها لغيابها عن المديرية، وضعف قيامها بأدوارها، وعددت الكثير والكثير، ورغم تعديل بعض المفردات إلا أن أفكار الكلمة ودلاتها ظلت كما هي، حينئذ أثنى المحافظ على الكلمة، واعتبرها نموذجا لطلبات أبناء المديرية، وتوجههم.

هذا مثال لموقف تبعته مواقف كثيرة، سواء مع مسؤلي الدولة حين أجدهم، أو مع بعض أبنائها، أو مع من حكر تمثيلها عليه شخصيا منذ 25 عاما، فقد كنت شديدا في انتقادي له بالذات هو؛ وهناك مواقف كثيرة في هذا الصدد لا أريد ذكرها؛ رغم تذكري لها، انتقدته من منطلق مصلحة المنطقة فحسب، لا لهوى شخصي ولا سياسي ولا مناطقي مطلقا، فهو أحد أبناء المديرية، ولو حمل همها وهم أبنائها، وتدخل لحل قضاياها، ولم يدعم الصراعات فيها، ولو وقف مع أبنائها الذين رغبوا في الحصول على حقوقهم مثل غيرهم، ولو اهتم بها وأعطاها وقتا، وعمل بإخلاص لها لمدحته في كل مكان أصل إليه، وسأترك الحكم لأبناء المديرية حول أدواره.

قد يقول البعض، كما قالها لي هو ذات مرة، أن أدواره في البرلمان ليست ضمن ما ذكرته آنفا، فرددت عليه حينها: أعرف أن أدوار ووظيفة البرلمان تتمثل في التشريع والرقابة على أداء الحكومة وأجهزتها؛ لكني أعرف أيضا أن الكثير من البرلمانيين خدموا مناطقهم، ولم يتنكروا لها، وأسهموا في حل قضاياها، وتوفير الخدمات لها، والوقوف مع أبنائها في الحصول على حقوقهم، ثم لنسلم أن لك أدوارا برلمانية تشريعية ورقابية فحدثني عنها لكي نعرفها، فصمت ولم يرد.

إخواني وأخواتي أصدقائي وزملائي : اقول ذلك ليس إلا لإلقاء الضوء على ما عانته المديرية، وما تزال تعانيه، ولا تكفيه المجلدات.

أخاطبكم اليوم أن تنسوا أي خلافات سياسية أو قبلية تغذيها اطراف مستفيدة من بقاء الصراع والحرمان في المديرية، فتوحدكم حول مصلحة المديرية وأبنائها، وحفاظكم على السلم والتعايش والحب والخير لا يعجب البعض، ولا نريد لأي فرد فيها إلا أن يكون بارا لها، مدافعا عنها، متجاوزا لأي خلاف مع غيره فيها.

مديرية كشر دفعت الثمن مبكرا دمارا وتنكيلا وقتلا وتشريدا، وهي تدافع عن نفسها ضد من جاءها معتديا قاتلا متحديا لأبنائها الطيبين الكرام، في ظل صمت من الكثير على مستوى المحافظة وعلى مستوى اليمن.

وقفت المديرية ولم يدافع عنها عضوها في البرلمان، وقد لمته على ذلك، لأنه لم يتحدث عن مظلوميتها، ولا عن عدد من دمرت منازلهم فيها، ولا عن عدد جرحاها ولا شهدائها أو المعوقين، أو الأيتام، أو الأرامل، أو النازحين، هذا فضلا عن الدمار الذي لحق بمساكن أبنائها وممتلكاتهم، نتيجة الحرب الظالمة التي شنتها عليها جماعة الحوثي المسلحة.

وبذل البعض من أبنائها جهودا غطت جانبا لا بأس به في سبيل نقل المعاناة، وكشف بعض الحقائق، وجدت بعضها آذانا صماء من قبل البعض، واستجاب آخرون.

أتذكر أنني، اثناء الحرب التي شنتها المليشياعلى المديرية طلبت من بعض ممثلي محافظة حجة في البرلمان أن يساعدوني في جمع زملائهم لنتحدث عن وضع المديرية، وتم ذلك، وحضر برلمانيو المحافظة جميعهم ما عدا ممثل المديرية إلى منزل أحدهم، ودار نقاش طويل، تحدثت فيه عن سكوت العديد من الجهات عن ما تعانيه المديرية، واستغراب أبنائها للصمت المطبق للبرلمان عن ما تعانيه المديرية، وقلت حينها : المليشيا لا تستهدف منطقة ، ولا محافظة بعينها، ولا حزبا ولا جماعة ولا قبيلة، هذه مليشيا تستهدف الجميع، ولن تترك أحدا، إلا من استجاب لها، وسبح بعنفها، وطأطأ رأسه لها.

ذهبت بعد ذلك إلى البرلمان نفسه، ووجدت تخاذلا من بعض أعضائه، وتذمرا ورفضا من البعض الآخر، وصمتا مريبا من البعض الثالث، وأتذكر هنا الجمهوري المناضل الأستاذ عبد العزيز جباري الذي كان أكثرهم تأثرا بما طرحت، ورفضا واستنكارا لما يجري.

أتذكر أن منظمة أعدت تقريرا عن ضحايا الألغام في حجور/ عاهم، ثم عقدت مؤتمرا صحفيا، اضطررت للوقوف والحديث فيه وقلت- مما قلت : حجور لم تذهب لتعتدي على أحد، بل اعتدت عليها المليشيا؛ فإن كانت هذه المليشيا تبحث عن قتلة الحسين؛ فإن حجور عامة وكشر خاصة لم تقتل الحسين، وأبناؤها بريئون من ذلك، وإن كانت المليشيا تبحث عن عداوات مع دول إقليمية فإن حجور / كشر بعيدة عن تلك الدول، وإن كان الغرض النظام الجمهوري فإن كشر ستدافع عن النظام الجمهوري.

سئلت أكثر من مرة : لماذا التركيز على كشر خاصة وحجور عامة؟ وقلت حينها : لأن فيها أعداد كبيرة من الشباب الذين لو استطاعت المليشيا أن تنفذ إليهم، وأن تغسل أدمغتهم فإنهم سوف يتحولون إلى جيش يحاربون به في كل اليمن، أي أنهم يبحثون عن المنطقة لكي يحولوا أبناءها إلى وقود لحروبهم الطويلة القادمة.

إخوتي الكرامز:سردت وأطلت، رغم أني لم أقل كل ما عندي، ما أرجوه أن تنسوا أية خلافات جانبية، وأدعوكم جميعا دون استثناء لتحديد موعد لاجتماع يضم وجهاء المديرية لتدارس ما يجري فيها، وحل الصراعات الحادثة بين بعض أحبتنا وأهلنا فيها، ووضع حد للصراعات والمهاترات الجانبية التي لا تفيد أحدا، وعليكم أن تعرفوا أن كثيرا مما جرى ويجري فيها ليس عفويا في معظمه.

أدعو الجميع دون استثناء مخلصا محبا أن تعملوا ما في وسعكم لإنجاح هذا الاجتماع لما فيه لخير المديرية التي يكفيها ما عانته، وما دفعته من أثمان باهضة، وعليكم أن تدركوا أن مصير المليشيا التي ظلمت ونكلت وشردت ودمرت وأذاقت الشعب اليمني الويل، ولم يعترف بها أحد، ولم تحقق لليمن سوى الدمار، مصيرها الفشل، وستضع الحرب اوزارها، وستبنى اليمن، وتعود بإذن الله، وحينها ستجدون أن كلا منكم أمام أخيه وصاحبه وصهره وجاره وصديقه فأين سيذهب منه؟..وأين سيغطي وجهه من لوم وعتاب في أحسن الأحوال؟.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص