على انقاض مدينة أهلكتها الحرب، أتى قرار رئيس الجمهورية بتعيين الدكتور أمين أحمد محمود محافظاً لتعز قبل عام من اليوم، لست بحاجة لخلق رواية أسطورية تحكي ما أُنجز خلال العام المنصرم، فواقع المدينة وكل تفصيلة مستها أو أثرت بها حرب المليشيا شاهدة على تغيُّر ملموس تنفس من خلاله المواطن التعزي رائحة الدولة التي فقدها بعد تدحرج عصابات الخرافة لفرض أمر آخر غير الدولة .
من المؤكد أن كنف الدولة التي يمثلها طابع المدنية وقيام المؤسسات الحكومية، لا يتصادم إلا مع أعداء هذه القيم الأصيلة المعبرة عن رقي المجتمعات؛ ومن هذا المنطلق بدأ محافظ تعز بعد تعيينه مباشرة في لملمة أشلاء المدينة المبعثرة، وخلق توافق سياسي بالتوازي مع إعادة تفعيل معظم المرافق الحكومية التي ترتبط بشكل وثيق بالحياة اليومية للمواطنين، ولعل الدكتور أمين محمود كان على الصواب المطلق في خطته تلك إذ حصل على تأييد كل الأحزاب السياسية وهو مؤشر على مدى سده للثغرات التي تصطاد منها غالباً القوى السياسية أي خطأ لتستثمره سياسياً أمام جماهيرها.
لا داعي للخوض هنا والتذكير بالمحطات الملموسة، اقتصاديا، وسياسيًا، وأمنيًا وحتى عسكرياً فالمواطن أصبح يدرك ما يخدمه وما يضر به كما أنه بات الراصد الأول لكل التحركات التي تصب في مصلحته وأيضا لتلك التي تبيع له الوهم وتسوق مناكفاتها بهدف هدم المشروع الجامع الذي يحمي تعز وأحزابها ومثقفيها ويجعلهم على مسافة واحدة تحكمهم سيادة القانون.
لتكن مناسبة مرور عام على عودة تعز إلى حضن الدولة حافزاً إضافياً للجميع، فالتقوقع في خانة الفوضى لا يبني وطناً ولا يؤسس لشراكة مدنية بقدر ما يحشو أذهاننا بهواجس الضياع وهو ذاته الوضع الذي ساد قبل ديسمبر 2017 فالموظف تقطعت به سبل العيش والحرمان جراء انقطاع مرتبه، والمريض أنهك معاملات خارج المحافظة ليتحصل على جواز سفر، والطلاب حرموا من العودة إلى مدارسهم التي تحولت لثكنات عسكرية، هذه بعض الشواهد لا الحصر وعلى ذلك قس
على المثقفين، والإعلاميين، ومحبي الحياة أن يحتفوا بعودة الروح إلى مدينتهم، ليقطعوا طريق المشككين الذين يشتغلون - فقط - على إذكاء الفرقة وتصوير أي فعل حسن على أنه كابوس، أولئك الذين لامهنة لهم سوى جعل تعز على صفيح أعرج ربما يقتاتون على هذا النقيض الذي يرفضه عامة المواطنين
تجلت في الأيام الماضية حصيلة قدح البعض بالمحافظ دون أي مبررات يستندون عليها عدا غرم دفين على الإنجازات البينة التي حققتها السلطة المحلية خلال الأشهر الماضية، ومن هنا بات معروفا لدى عامة الناس أن أي شخصية وطنية ستتعرض للهجوم والقدح من قبل هؤلاء طالما لم يهادن بيت الطاعة .!
نفاخر بتعز حين تفتح أبوابها للعمل، والعلم، والحياة وتقاوم في الضفة الأخرى لأجل الجمهورية واستعادتها متصدرة المشهد اليمني العام بهذا الحراك المشبع بالوطنية، ولا نقف هنا لنشيد فحسب بل لنطالب بما نستحقه، فالتقصير من قبل بعض الاجهزة مايزال حاصلاً ، والأمن مخترق ولا يقوم بواجبه بالشكل الذي يجب فهل ستردم السنة القادمة هذه الفجوات ؟
- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً